responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 10  صفحه : 34
وَقَوْلُهُ: وَاللَّهُ بِما يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ تَذْكِيرٌ لِلْمُسْلِمِينَ بِصَرِيحِهِ، وَوَعِيدٌ لِلْمُشْرِكِينَ بِالْمَعْنَى الْكِنَائِيِّ، لِأَنَّ إِحَاطَةَ الْعِلْمِ بِمَا يَعْمَلُونَ مَجَازٌ فِي عَدَمِ خَفَاءِ شَيْءٍ مِنْ عَمَلِهِمْ عَنْ عِلْمِ اللَّهِ تَعَالَى، وَيَلْزَمُهُ أَنَّهُ مُجَازِيهِمْ عَنْ عَمَلِهِمْ بِمَا يُجَازِي بِهِ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ مَنِ اعْتَدَى عَلَى حَرَمِهِ، وَالْجُمْلَةُ حَالٌ من ضمير كَالَّذِينَ خَرَجُوا [الْأَنْفَال: 47] .
وَإِسْنَادُ الْإِحَاطَةِ إِلَى اسْمِ اللَّهِ تَعَالَى مَجَازٌ عَقْلِيٌّ، لِأَنَّ الْمُحِيطَ هُوَ عِلْمُ اللَّهِ تَعَالَى فَإِسْنَادُ الْإِحَاطَةِ إِلَى صَاحِبِ الْعلم مجَاز.
[48]

[سُورَة الْأَنْفَال (8) : آيَة 48]
وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أَعْمالَهُمْ وَقالَ لَا غالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّي جارٌ لَكُمْ فَلَمَّا تَراءَتِ الْفِئَتانِ نَكَصَ عَلى عَقِبَيْهِ وَقالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكُمْ إِنِّي أَرى مَا لَا تَرَوْنَ إِنِّي أَخافُ اللَّهَ وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقابِ (48)
وَإِذْ زَيَّنَ عَطْفٌ عَلَى وَإِذْ يُرِيكُمُوهُمْ إِذِ الْتَقَيْتُمْ فِي أَعْيُنِكُمْ قَلِيلًا [الْأَنْفَال: 44] الْآيَةَ. وَمَا بَيْنَهُمَا اعْتِرَاضٌ، رُتِّبَ نَظْمُهُ عَلَى أُسْلُوبِهِ الْعَجِيبِ لِيَقَعَ هَذَا الظَّرْفُ عَقِبَ تِلْكَ الْجُمَلِ الْمُعْتَرِضَةِ، فَيَكُونُ لَهُ إِتْمَامُ الْمُنَاسَبَةِ بِحِكَايَةِ خُرُوجِهِمْ وَأَحْوَالِهِ، فَإِنَّهُ مِنْ عَجِيبِ صُنْعِ اللَّهِ فِيمَا عَرَضَ لِلْمُشْرِكِينَ مِنَ الْأَحْوَالِ فِي خُرُوجِهِمْ إِلَى بَدْرٍ، مِمَّا كَانَ فِيهِ سَبَبُ نَصْرِ الْمُسْلِمِينَ، وَلِيَقَعَ قَوْلُهُ: وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيارِهِمْ [الْأَنْفَال: 47] عَقِبَ أَمْرِ الْمُسْلِمِينَ بِمَا يَنْبَغِي لَهُمْ عِنْدَ اللِّقَاءِ، لِيَجْمَعَ لَهُمْ بَيْنَ الْأَمْرِ بِمَا يَنْبَغِي وَالتَّحْذِيرِ مِمَّا لَا يَنْبَغِي، وَتَرْكِ التَّشَبُّهِ بِمَنْ لَا يُرْتَضَى، فَيَتِمُّ هَذَا الْأُسْلُوبُ الْبَدِيعُ الْمُحْكَمُ الِانْتِظَامِ.
وَأَشَارَتْ هَاتِهِ الْآيَةُ إِلَى أَمْرٍ عَجِيبٍ كَانَ مِنْ أَسْبَابِ خِذْلَانِ الْمُشْرِكِينَ إِذْ صَرَفَ اللَّهُ عَنِ الْمُسْلِمِينَ كَيْدًا لَهُمْ حِينَ وَسْوَسَ الشَّيْطَانُ لِسُرَاقَةَ بْنِ مَالِكِ بْنِ جُعْشُمٍ الْكِنَانِيِّ أَنْ يَجِيءَ فِي جَيْشٍ مِنْ قَوْمِهِ بَنِي كِنَانَةَ لِنَصْرِ الْمُشْرِكِينَ حِينَ خَرَجُوا لِلدِّفَاعِ عَنْ عِيرِهِمْ،

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 10  صفحه : 34
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست